السبت، 18 أبريل 2015

ضوابط الاستمتاع بالزوجة في الصيام

ضوابط الاستمتاع بالزوجة في الصيام في الفقه الإسلامي المقارن
المحامي الشيخ الدكتور مسلم محمد جودت اليوسف

إن الحمد لله نحمده  و نستعينه ، و نستهديه و نستغفره  وسترشده ، و نعوذ بالله من شرور أنفسنا  و سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، و من يضلل فلا هادي له ، و أشهد أن لا إله إلا الله ، وحده لا شريك له ، و أشهد أن محمداً عبده ورسوله .
قال تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) (آل عمران:102) .
و قال أيضاً : ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً) (النساء:1) .

وقال جل جلاله :(  يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً   ( يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً) (الأحزاب: 70-71) .
 فإن أحسن الكلام كلام الله  ، عز و جل  ، خير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم ، شر الأمور محدثاتها ، وكل محدثة بدعة ، و كل بدعة ضلالة ، و كل ضلالة في النار .
و بعد :
إن الله سبحانه ، و تعالى رغب بالزواج ، و حث عليه تحصين الفرد ، و المجتمع ، و للتمتع بالنعم على الوجه المشروع . 
قال تعالى :{ فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى و ثلاث و رباع فإن خفتم لا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم} سورة النساء الآية3
عن أبي الزبير قال: قال جابر : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : إذا أحدكم أعجبته المرأة فوقعت في قلبه فليعد إلى امرأته فليواقعها فإن ذلك يرد ما في نفسه } رواه مسلم 
  بيد أن هذا التمتع لم يترك بدون ضوابط ، وقيود و حدود ، فالشريعة الإسلامية نظمت كل هذا بدقة متناهية ، فأباحت التمتع بالزوجة بالشكل الذي يرغب به الزوجان .قال تعالى :{ نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم } سورة البقرة الآية 223
   الشريعة أباحت أوجه الاستمتاع الذي لا يلحق أي ضرر بأي من الزوجين . أما إذا كان هناك ضررا منعته ، و نظرا لخطورة  هذا الموضوع ، و جهل كثير من المسلمين بأحكامه. رأيت أن يكون موضوع بحثي:-حكم و حدود الاستمتاع بالزوجة في الصيام و ذلك للأسباب التالية:
 1- خطورة هذا الموضوع نظرا للآثار المترتبة عليه . مثلا وطء الزوجة في الصيام إلى فساد الصيام  وجوب الكفارة ، و القضاء 
2- جهل كثير من الناس بحدود الاستمتاع بالزوجة في الصيام .  
3-افتقار المكتبة العربية ، و الإسلامية لبحث مستقل يشرح هذا الموضوع بمنهج الفقه المقارن .
4- حاجة الأزواج للتعرف على المباح، و المكروه،  و المحرم في علاقتهما الزوجية نظر لجهل ،  و تجهيل كثير من الأزواج في هذا الموضوع.
5- حلول شهر رمضان الكريم .
 لهذه الأسباب مجتمعة اخترت هذا الموضوع . بعد أن استخرت الله سبحانه، و تعالى ، و شاورت كثير من أهل العلم و طلابه .
      
منهج البحث و طريقة السير فيه :
نظرا لسعة هذا البحث ، و شموله على العديد من الأحكام  و  القضايا . سوف تحظى بعض النقاط و المسائل بمعالجات عميقة .  بينما نسرد سردا فقط مسألة أخرى 
 و يمكن تلخيص المنهج الذي  سرت عليه –بتوفيق الله - في دراسة هذا الموضوع بالنقاط التالية :
 فبحثت حكم ؛و حدود الاستمتاع بالزوجة في الصيام .فقسمت البحث إلى فصلين الأول كان في الاستمتاع بالزوجة في الصيام  بالوطء إذا كان الواطئ عامدا ؛أو ناسيا؛ أو مخطأ؛ أو مكرها، و أثر ذلك على الصيام .
أما الفصل الثاني: فكان في الاستمتاع بالزوجة في شهر رمضان بالقبلة ، و المباشرة ؛و أثر ذلك على الصيام .

الخاتمة:-
 بعد أن انتهيت من هذا العمل ، لابد من طرح تساؤل مهم حول النتائج التي يمكننا استخلاصها من هذا الكتاب ؟
ما هي أهم النتائج المستخلصة ؟.
 النتائج الممكن استخلاصها من هذا البحث تظهر في النقاط التالية :
1- أجمع أهل العلم على بطلان صوم من تعمد الوطء في الفرج في نهار الصيام 
2- ليس على المجامع الناسي لصومه قضاء ، ولا كفارة .
3- ليس على المجامع المخطئ قضاء لصومه ، و لا كفارة عن فعله .
4- ليس على المجامع المكره إكراها ملجئا قضاء لصومه ، و لا كفارة .
5- إن القبلة مرخصة في الصيام لمن يملك نفسه ، سواء كان شيخا ، أو شابا .
6- إن المباشرة مرخصة في الصيام لمن يملك نفسه ، سواء كان شيخا ، أو شابا .
أسأل الحي القيوم  أن يلهمنا رشدنا ، و يسدد خطانا ، و يوفقنا لصالح الأعمال ، و الأقوال ، والنفوس ، و أن يجعلنا ممن يستمعون القول ، فيتبعون أحسنه.
     أخيرا ، ولئن كنت أبغي من هذا العمل أن يسير نحو الكمال ، فإنه لا يزال يتسم بالنقصان . وإن وجد القارىء بعض بقيا النقص ، والقصور ، فذلك لأنني بشر فيه كثير من صفات النقص .
و لئن عثر القارىء على مظاهر التقدم على الكمال ، فذلك من فضل الله سبحانه ، و تعالى علي ، و توفيقه .
     ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا ، أو أخطأنا ربنا . 
و لا تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلنا. 
ربنا و لا تحملنا ما لاطاقة لنا به ، واعف عنا ، واغفر لنا و ارحمنا أنت مولانا ، فانصرنا على القوم الكافرين .
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
  

تم بحــمــد الله

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

اضف تعليقا اكرمك الله